الأبعاد الأخلاقية لنقل الأعضاء وتشريح الجثة
Ethical and legal considerations relevant to organ transplantation
هناك مبادئ أولية ثابتة ومتفق عليها شرعاً وقانوناً وهى:
1. لا يجوز مطلقاً التصرف في عضو من الجسد ليس هناك بديل له كالقلب أو عضو يؤدى وظيفة هامة تؤثر على حياته أو يعرض الجسم للإصابة بعجز شديد أو دائم كالعين أو الغدة التناسلية، فمثل هذا التصرف يعد باطلاً، ويقع فعل الطبيب تحت طائلة المسئولية الجنائية العمدية، فضلاً عن المسئولية المدنية ولا عبرة برضاء المريض في هذه الحالة.
2. يجوز التصرف في الأجزاء القابلة للانفصال عن الجسم دون أدنى مساس به أو بحياته وهى الأجزاء المتجددة كالشعر والدم وأجزاء من الجلد.
3. يجوز التصرف في الأجزاء التي انفصلت عن الجسم كالأسنان المخلوعة أو الأطراف المبتورة لأن هذه الأجزاء بعد انفصالها في حادث مثلاً تصبح مجرد أشياء خارجية يجوز التعامل فيها.
4. يجوز للشخص التصرف في جثته بعد وفاته عن طريق الوصية كالسماح بإجراء دراسات وتشريح الجثة لأغراض علمية (تعلماً وتعليماً) والتبرع بالعين لبنوك العيون.
5. يجوز تشريح الجثة لغرض التحقق من دعوى جنائية. أو لغرض التحقق من أمراض وبائية لتتخذ على ضوئه الاحتياطات الكفيلة بالوقاية.
6. إذا لم يوصى المتوفى فإنه لا يجوز المساس بالجثة إلا بعد موافقة ذوى الشأن والأقارب، أما إذا لم يكن هناك أقارب للمتوفى فإنه يجوز المساس بالجثة لأغراض علمية أو لنقل عضو منها لإنقاذ حياة شخص آخر وهنا تثور مشكلة تحديد لحظة الوفاة ومعيارها.
وقد ذهب بعض فقهاء الشريعة الإسلامية إلى تحريم نقل الأعضاء مطلقاً استنادا إلى أن الجسم لخالقه وليس للإنسان التصرف فيه وأجاز البعض الأخر نقل الأعضاء إعمالاً لقاعدة الضرورات تبيح المحظورات وأن الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف وذلك بعدة شروط وهى:
1. أن تكون هناك ضرورة، وذلك لإنقاذ حياة المنقول إليه ويناط بطبيب ثقة تقدير تلك الضرورة.
2. أن يكون النقل مفيداً للمنقول إليه إفادة حقيقية.
3. ألا يترتب على نزع العضو هلاك المنزوع منه أو إلحاق الضرر به عجزاً أو تشويهاً.
4. ألا يكون ذلك على سبيل البيع أو نظير مقابل.
ومن الناحية القانونية فلا يوجد إلى الآن في مصر قانون يبيح نقل الأعضاء (باستثناء قانون إنشاء بنوك العيون رقم 274 لسنة 1959 والمعدل بقانون 103 لسنة 1962م)، لذلك فنقل الأعضاء يعد من قبيل الأعمال غير المشروعة التي تستوجب المساءلة الجنائية والمدنية للطبيب، ولا يعفيه من ذلك رضاء المتنازل، لأن سلامة الجسم تعد من الحقوق التي لا تقبل التنازل عنها، والأصل هو حرمة المساس بالجسد الإنساني.
وقف أجهزة الإنعاش الصناعي
Discontinuance of resuscitative measures
إذا توقف القلب والرئتان عن العمل وأمكن التدخل بأجهزة الإنعاش الصناعي قبل موت خلايا المخ لإبقائه حيا وترتب على ذلك إطالة حياة المريض، فإنه لا يجوز للطبيب قبل موت المخ، فصل هذه الأجهزة وإلا تسبب في موت المريض ويعد ذلك قتلاً، ولا يجوز للطبيب أن يتعلل بطول المدة أو كثرة التكاليف أو وجود أناس آخرين في نفس حالة المريض. وإذا تم تركيب أجهزة الإنعاش الصناعي بعد موت مخ المريض فإن وظيفتها تقتصر على المحافظة على حياة بعض أعضاء الجسم من خلال تزويدها بالدم المحمل بالأكسجين وفى هذه الحالة لا تكفل الأجهزة سوى حياة صناعية لبعض خلايا الجسم، ولا يمكن القول بأنها تعيد الحياة إلى الشخص الذي مات موتاً حقيقياً بموت خلايا مخه. ومن ثم فإن فصل أجهزة الإنعاش عن الجثة لا يعد حرماناً لها من الحياة التي سبق أن فقدتها. ولا يعد هذا العمل جريمة قتل في حكم الشرع والقانون لأن هذه الجريمة لا تقع إلا على حياة إنسانية طبيعية، كما أن من حق الطبيب أن يوقف عملها، فهذا ما يمليه عليه واجبه الإنساني والوظيفي.
ولا شك أن وقف أجهزة الإنعاش عن العمل بقرار فردى من الطبيب قد تحوطه بعض الشبهة، بصفة خاصة في حالة ما إذا كانت هذه الأجهزة قد علقت على المريض قبل موت مخه، فإنه من الأحوط عدم اللجوء إلى هذا الإجراء إلا باتخاذ إجراءات رسمية لإعلان الوفاة بعد ثبوت الموت الحقيقي للمخ، كتحرير محضر أو شهادة الوفاة، بعد عرض الأمر على فريق طبي متخصص، وإعلام الأسرة بالأمر وموافقتها على ذلك.
No comments:
Post a Comment